الجمعة، 30 سبتمبر 2011

فضائل العذراء

 



فضائل العذراء
حياة الإتضاع:
كان الإتضاع شرطا أساسيا لمن يولد منها رب المجد. كان لابد أن يولد من إنسانة متضعة تستطيع أن تحتمل مجد التجسد الإلهي منها ... مجد حلول الروح فيها ومجد ميلاد الرب منها ... مجد جميع الأجيال التي تطوبها وإتضاع أليصابات أمامها قائلة "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي" ( لو 1 : 48 ، 43) كما تحتمل كل ظهورات الملائكة وسجود المجوس أمام ابنها والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها في أرض مصر بل نور هذا الابن في حضنها. لذلك كان "ملء الزمان"(غل 4 : 4) ينتظر هذه الإنسانة التي يولد ابن الله منها.
وقد ظهر الإتضاع في حياتها كما سنري :
- بشرها الملاك بأنها ستصير أماً للرب ولكنها قالت "هوذا أنا أمة الرب" (لو 1 : 38) أي عبدته وجاريته والمجد العظيم الذي أعطي لها لم ينقص إطلاقا من تواضعها. بل إنه من أجل هذا التواضع منحها الله هذا المجد إذ "نظر إلي إتضاع أمته" فصنع بها عجائب (لو 1 : 48 – 49).
- وظهر إتضاع العذراء أيضا في ذهابها إلي أليصابات لكيما تخدمها في فترة حبلها فما أن سمعت أنها حبلي وهي في الشهر السادس حتي سافرت إليها في رحلة شاقة عبر الجبال وبقيت عندها ثلاثة أشهر حتي تمت أيامها لتلد (لو 1 : 39- 56) فعلت ذلك وهي حبلي برب المجد -ومن إتضاعها عدم الحديث عن أمجاد التجسد الإلهي.
حياة التسليم:
عاشت قديسة طاهرة في الهيكل ... ثم جاء وقت قيل لها فيه أن تخرج من لهيكل فلم تحتج ولم تعترض مثلما تفعل كثير من النساء اللائي يمنعهن القانون الكنسي من دخول الكنيسة في أوقات معينة فيتذمرون ويجادلن كثيرا في احتجاج. وكانت تعيش بلا زواج فأمروها أن تعيش في كنف رجل حسبما تقتضي التقاليد في أيامها. فلم تحتج وقبلت المعيشة في كنف رجل مثلما قبلت الخروج من الهيكل .. كانت تحيا حياة التسليم لا تعترض ولا تقاوم ولا تحتج . بل تسلم لمشيئة الله في هدوء بدون جدال. كانت قد صممت علي حياة البتولية ولم تفكر إطلاقا في يوم من الأيام أن تصير أما ولما أراد الله أن تكون أما بحلول الروح القدس عليها (لو 1 : 35) لم تجادل بل أجابت بعبارتها الخالدة "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك" لذلك وهبها الله الأمومة واستبقي لها البتولية أيضا وصارت أما الأمر الذي لم تفكر فيه إطلاقا ... بالتسليم صارت أما للرب ... بل أعظم الأمهات قدرا. وأمرت أن تهرب إلي مصر فهربت . وأمرت أن ترجع إلي مصر فرجعت وأمرت أن تنقل موطنها من بيت لحم وتسكن الناصرة فانتقلت وسكنت. كانت إنسانة هادئة تحيا حياة التسليم بلا جدال لذلك فإن القدير صنع بها عجائب ... إذ نظر إلي اتضاع أمته.
حياة الإحتمال:
تيتمت من والديها الإثنين وهي في الثامنة من عمرها وتحملت حياة اليتم وعاشت في الهيكل وهي طفلة واحتملت حياة الوحدة فيها وخرجت من الهيكل لتحيا في كنف نجار واحتملت حياة الفقر . ولما ولدت ابنها الوحيد لم يكن لها موضع في البيت فأضجعته في مزود (لو 1: 7) واحتملت ذلك أيضا ... واحتملت المسئولية وهي صغيرة السن واحتملت المجد الذي أحاط بها دون أن تتعبها أفكار العظمة.
لم يكن ممكنا أن تصرح بأنها ولدت وهي عذراء فصمتت واحتملت ذلك.
احتملت السفر الشاق إلي مصر ذهابا وإيابا . واحتملت طردهم لها هناك من مدينة إلي أخري بسبب سقوط الأصنام أمام المسيح (أش 19: 1) احتملت الغربة والفقر . احتملت أن "يجوز في نفسها سيف" (لو 2: 35) بسبب ما لاقاه إبنها من اضطهادات واهانات وأخيرا ألام وعار الصلب.
لم تكتنف العذراء - سلبيا بالاحتمال - بل عاشت في الفرح بالرب .
كما قالت في تسبحتها "تبتهج روحي بالله مخلصي" (لو 1: 47)
الإيمان وعدم التذمر:
كان من تدبير الله أن تتيتم العذراء وأن تعيش في الهيكل. وفي الهيكل تعلمت حياة الوحدة والصمت وأن تنشغل بالصلاة والتأمل وإذ فقدت محبة وحنان والديها إنشغلت بمحبة الله وحده. وهكذا عكفت علي الصلاة والتسبحة وقراءة الكتاب المقدس وحفظ الكثير من أياته وحفظ المزامير ولعل تسبحتها في بيت أليصابات دليل واضح علي ذلك فغالبية كلماتها مأخوذة من المزامير وآيات الكتاب.
وصار الصمت من مميزاتها فعلي الرغم من أنها في أحداث الميلاد : رأت أشياء عجيبة ربما تفوق احتمال سنها كفتاة صغيرة وما أحاط بها من معجزات ومن أقوال الملائكة والرعاة والمجوس ... فلم تتحدث مفتخرة بأمجاد الميلاد بل " كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها" (لو 2 : 19).
إن العذراء الصامتة المتأملة ، درس لنا :
فليتنا مثلها : نتأمل كثيرا ، ونتحدث قليلا. علي أني أري أنه لما حان الوقت أن تتكلم صارت مصدرا للتقليد الكنسي في بعض الأخبار التي عرفها منها الرسل وكاتبوا الأناجيل: عن المعجزات والأخبار أثناء الهروب في مصر وعن حديث المسيح وسط المعلمين في الهيكل وهو صغير ( لو 3 : 46 – 47).
فضائل أخري:
لقد اختار الرب هذه الفتاة الفقيرة اليتيمة لتكون أعظم إمرأة في الوجود وكانت تملك في فضائلها ما هو أعظم من الغني. من فضائلها أيضا قداستها الشخصية ، وعفتها وبتوليتها ،و معرفتها الروحية ، وخدمتها للأخرين وأمومتها اروحية للأباء الرسل . ويعوزنا الوقت أن تحدث عن كل فضائلها ...
تطويب العذراء :
ما أكثر التطويبات التي أعطيت للعذراء, وردت في ألحان الكنيسة وفي التسبحة ،في التذاكيات والمدائح وفي الذكصولوجيات في كل يوم من أيام أعيادها وفي الإبصلمودية الكيهكية وفي تراتيل الكنيسة وفي الإبصلمودية .
وتذكرها الكنيسة في مجمع القديسين قبل رؤساء الملائكة وهكذا في كل تشفعاتها والكنيسة في تطويب السيدة العذراء إنما تحقق النبوة التي قالتها في تسبحتها :
" هوذا منذ الأن جميع الأجيال تطوبني" (لو 1 : 48)
والكنيسة تقدم لها البخور وتقدم لها السلام وما أكثر التسابيح التي تبدأ بعبارة "السلام لمريم" ( شيري ني ماريا) أو التسابيح التي تبدأ بعبارة "إفرحي يا مريم " أو التسبحة التي يحرك فيها داود النبي الأوتار العشرة في قيثارته وفي كل وتر يذكر تطويبا لها.
نذكرها في الأجبية وفي القداس وفي كل كتب الكنيسة :
في السنكسار وفي الدفنار وفي القطمارس وفي الإبصلمودية وفي كتب المردات والألحان ... في صلوات الأجبية نذكرها في القطعة الثالثةفي كل ساعة من ساعات النهار متشفعين بها ونذكرها في قانون الإيمان ، إذ نقول في مقدمته "نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله"
نذكرها في صلاة البركة ، أولها وأخرها:
فنبدأ البركة "بالصلوات والتضرعات والإبتهالات التي ترفعها عنا كل والدة الإله القديسة الطاهرة مريم". وبعد أن نذكر أسماء الملائكة والرسل والأنبياء والشهداء وجميع القديسين نختم بها البركة فنقول "وبركة السيدة العذراء أولا وأخيرا"

0 التعليقات:

إرسال تعليق

.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More